منتدى الزيتون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الزيتون


 
الرئيسيةأحدث الصوردخولالتسجيل

 

 الدعوة سرا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أيوب صدقي
Admin
أيوب صدقي


ذكر
عدد الرسائل : 216
العمر : 29
مزجي : 0
تاريخ التسجيل : 29/05/2008

الدعوة سرا Empty
مُساهمةموضوع: الدعوة سرا   الدعوة سرا Icon_minitimeالأربعاء يونيو 04, 2008 4:24 pm

مما لا شك فيه أن الرسالول صلى الله عليه وسلم يريد أن يصل بدعوته لكل إنسان في مكة. بل لكل إنسان على ظهر الأرض، ويتخيل البعض أنه كان من السهل على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقف وسط الكعبة من أول يوم أُمِر فيه بالإبلاغ ويعلن للناس جميعًا أمر الإسلام، لكنه لم يفعل، بل كان يختار من يدعوهم آخذًا بكل أسباب الحيطة والحذر، فيذهب إلى الرجل فيسر له في أذنه بأمر الإسلام، ويدعوه سرًا، ولم يعلن لعموم الناس أمره.
والدعوة السرية لم تستمر يومًا أو اثنين بل استمرت فترة طويلة بالنسبة لعمر الدعوة الإسلامية فكانت حوالي ثلاث سنوات.
وبعض الناس يعتقدون أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما وقف على الصفا وقال للناس: أَرَأَيْتُكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟
يعتقدون أن هذه المقولة كانت في بدء الدعوة وبعد نزول أمر الرسالة مباشرة، والواقع غير ذلك، لقد كانت هذه الكلمة بعد ثلاث سنوات كاملة من نزول الوحي.
إن كنا قد وقفنا مع إسلام السيدة خديجة رضي الله عنها، وإسلام سيدنا أبي بكر رضي الله عنه، وإسلام سيدنا زيد بن حارثة رضي الله عنه.
فلا بد من وقفات مع إسلام سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، هذا الطفل الذي آمن، وما تجاوز العشر سنوات، إن إسلام سيدنا علي في هذا السن هو شيء في منتهى الغرابة.
ويكمن وجه العجب والغرابة في عمره الذي ما تجاوز العشر سنوات، يستأمنه النبي صلى الله عليه وسلم ويسر إليه بهذا الدين الجديد في مثل هذه المرحلة السرية من الدعوة، وغريب أيضًا أن يفهم طفل في مثل هذا السن هذه القضية الكبيرة التي خفيت على كثير ممن يسمونهم حكماء في مكة.
وهذا الأمر يحتاج منا إلى وقفة:
أولًا:
كان سيدنا علي بن أبي طالب بمثابة ابن النبي صلى الله عليه وسلم كزيد بن حارثة، فكان يعيش مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيته، والسبب في ذلك هو أن قريشًا أصابتهم أزمةٌ شديدة، وكان أبو طالب ذا عيال كثيرة، فقال يومًا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه العباس: يا عم إن أبا طالب كثير العيال، فانطلق بنا نخفف عن عيال أبي طالب، فانطلقا إليه وأعلماه ما أرادا، فقال أبو طالب: اتركا لي عقيلًا واصنعا ما شئتما، فأخذ رسول الله، صلى الله عليه وسلم عليًا، وأخذ العباس جعفرًا، فلم يزل علي عند النبي صلى الله عليه وسلم حتى أرسله الله، فاتبعه.
وقال ابن إسحاق: وكان من نعمة الله عليه.
كان علي بن أبي طالب يعتقد الصواب في كل كلمة يقولها الأب الحنون النبي صلى الله عليه وسلم، كما يعتقد كل طفل الصواب في كلام أبيه.
ولقد ترسخ في نفس علي بن أبي طالب حب كبير للنبي صلى الله عليه وسلم منذ نعومة أظفاره، فكما قلنا: إن منهج النبي في الدعوة يقوم على الحب أولًا ثم الحجة.
ثانيًا:
أن النبي صلى الله عليه وسلم لاحظ نبوغًا مبكرًا، وعبقرية ظاهرة في علي بن أبي طالب، فاطمئن النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يخبره بأمر الرسالة مع أن هذا الأمر خطير، ولا يزال سرًا، ولا يعلم إلى متى سيظل هذا الأمر سرًا.
وقد يظن البعض أن النبي صلى الله عليه وسلم يخاف أن يخبره بهذا الأمر للظروف التي تحيط بالدعوة، لكن الواقع أن سيدنا علي كان عبقريًا فذًا، وبمرور الأيام صدقت فراسة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان سيدنا علي من أكثر الصحابة قدرة على استنباط الأحكام والقضاء في الأمور، بجانب فراسته وعلمه وفقهه رضي الله عنه.
ثالثا:
في الحقيقة هذه وقفة مع النبي صلى الله عليه وسلم في اختياره لمن يدعوهم، فبدعوة النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا علي، وبإسلامه كان هناك تنوع عجيب لمن دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم واختارهم في بادئ الأمر، وكان يوضح لنا أمرًا في غاية الأهمية، وهو أن مجال الدعوة أوسع مما قد نتخيل، فهؤلاء الأربعة الأوائل: فيهم الرجال، وفيهم النساء، فيهم السادة، وفيهم العبيد، فيهم الكبار، وفيهم الصغار، وأن هذه الدعوة لا حدود لها.
أصبح علي بن أبي طالب أول الصبيان إسلامًا، كما أصبح أبو بكر أول الرجال، وزيد أول الموالي، والسيدة خديجة كانت أول النساء، وكان ذلك في أول يوم في الإسلام.
ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم بناته للإسلام فدعا السيدة زينب وكانت في العاشرة من عمرها، والسيدة رقية وكانت في السابعة من عمرها، والسيدة أم كلثوم وكانت في السادسة أو الخامسة من عمرها، وكلهم اعتنقوا الإسلام في هذا السن المبكر، أما السيدة فاطمة فكان عمرها سنة على أرجح الأقوال.
كان هذا هو الوضع في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم.
لقد ظلت الدعوة سرية تمامًا ثلاث سنوات كاملة، ظلت الدعوة تقوم على أمر الاصطفاء والانتقاء ثلاث سنوات كاملة...
لماذا ؟
لماذا لم يعلن الرسول صلى الله عليه وسلم أمره ليسلم أكبر عدد من الناس في أقل وقت ممكن؟
لم يفعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لأنه يعلم أن دعوة الإسلام وإن كانت مقنعة للناس إلا أنها ستلقى حربًا ليس من قريش فقط بل من كل العالم.
أكان صلى الله عليه وسلم يخشى على نفسه من قريش؟
هذا مستحيل، فهو لا شك يعلم أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، بل كانت هذه هي الحكمة في الدعوة.
ومن الممكن أن تقول: إن السرية في الدعوة في هذه المرحلة لم تكن اختيارًا نبويًا، بل كانت أمرًا إلهيًا، فالله عز وجل يعلم نبيه صلى الله عليه وسلم ويعلم أمته منهج التغيير في مثل هذه الظروف، وكيف تغير الأجيال القادمة من حالها في غياب رسول، وكيف التغيير إذا توافقت الظروف مع ظروف النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذه المرحلة.
إن الله عز وجل قادر على حماية رسوله، فلا يصل له أذًى من أحد من قريش، ومع ذلك فهو يريد منه أن يرسم الطريق الصحيح للمسلمين لإقامة هذا الدين مهما اختلفت الظروف ومهما كثرت المعوقات.
ولذلك تجد أن الله عز وجل قد وضع رسوله صلى الله عليه وسلم في كل الظروف التي من الممكن أن تمر بأمته بعد ذلك، وعلم رسوله صلى الله عليه وسلم كيف يتعامل مع كل ظرف، وكيف يصل بدعوته إلى الناس في وجود المعوقات المختلفة.
وبذلك حدد للمسلمين منهجا واضحا لا غموض فيه.
قد تكون سرية تمامًا كما في السنوات الثلاث الأولى من الإسلام. قد يحتاج المسلمون إلى هذا الأسلوب السري في الدعوة إذا توافقت ظروفهم مع ظروف الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه المرحلة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://azaytoun.1fr1.net
 
الدعوة سرا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الزيتون :: المنتدىالعام :: ورشة الإسلاميات-
انتقل الى: